Sunday, June 15, 2008

منقول -- لوجه الله :زمن عمرو دياب وتامر حسني !!

لوجه الله :
زمن عمرو دياب وتامر حسني !!
بقلم: بسيوني الحلواني
b-halawamy @ hot mail . com
سألتني زوجتي: هل الأخبار التي تنشرونها في الصحف صحيحة مائة في المائة؟
قلت لها: معظمها صحيح.. فالصحفيون لا يؤلفون ولا يخترعون.. وإن كانت هناك مبالغات فهي قليلة.. لكن: لماذا هذا السؤال الآن؟
قالت: هل صحيح أن "الزعيم" عادل إمام حصل علي ثمانية ملايين جنيه عن فيلمه الأخير. وسيحصل علي عشرة ملايين عن فيلمه القادم "حسن ومرقص" وأن محمد سعد سيحصل هو الآخر علي الملايين العشرة عن فيلمه القادم بعد أن حصل علي ثمانية ملايين عن فيلمه "الهايف" كركر؟!
وهل تصدق ان الفنان يحيي الفخراني رفع أجره من أربعة ملايين في المسلسل إلي ستة ملايين.. وأن تامر حسني مصر علي الحصول علي أربعة ملايين عن فيلمه القادم بعد أن ضحكوا عليه في الفيلم السابق وأعطوه مليونا فقط!! أما عمرو دياب فقد حصل علي 15 مليون دولار مقابل احتكار انتاجه لمدة ثلاث سنوات.. هم يعملوا كام بالمصري؟!
قلت لها: ربنا يبارك لهم ويهديهم ويعطون للدولة حقها في الضرائب وينفقون بعض هذه الملايين علي الفقراء والمحتاجين والمرضي وذوي الاحتياجات الخاصة كما يفعل الفنانون في الغرب.. لا تشغلي نفسك بهذه الأخبار التافهة.
ردت عليّ بغضب: "لما هي تافهة بتنشروها ليه؟! كفاية إحباطا للناس.. تعال معي السوق وشوف الناس بتفاصل إزاي مع بائع الليمون وتلح عليه لكي تأخذ "ليمونة" زيادة علي كل جنيه ليمون.. أرجوك لف علي رؤساء التحرير وعلي زملائك وأطلب منهم عدم نشر هذه الأخبار رحمة بالفقراء والمطحونين الذين لا يجدون عملا أو يعملون طوال الشهر ب300 أو 400 جنيه ولا يعرفون كيف يوفرون العيش الحاف لأولادهم"!!
ألقت زوجتي بهذه الكلمات ثم انصرفت إلي مطبخها لاستكمال تنظيفه وكلها احباط مما قرأته في إحدي المجلات المصرية الشهيرة التي تتبع أخبار الفنانين والفنانات. وتحبط الناس في كل عدد بأخبار عن أجورهم والزيادات التي حصلوا عليها بعد العلاوة الجديدة. وتشغلهم بقصص خلافاتهم ومقالبهم وتصريحاتهم الاستفزازية ضد بعضهم!!
***
ما تتناقله الصحف والفضائيات عن أجور الفنانين أمر لا يصدقه عقل خاصة ونحن نعيش في مجتمع يعاني من مشكلات اقتصادية عديدة. وترتفع فيه معدلات الفقر والبطالة عاما بعد عام.
ما تطاردنا به الصحف من أخبار عن أجور الفنانين وأسعار لاعبي كرة القدم يؤكد اننا نعيش في مجتمع غريب تحكمه مفاهيم خاطئة. وتسيطر عليه قيم وأفكار وثقافات شاذة تقوده إلي مزيد من الفوضي والاضطراب. ولا يمكن أن تتحقق له نهضة حقيقية. ولا يمكن أن يتغلب علي مشكلاته. وأن يواجه أزماته وتحدياته في ظل سيطرة وتنامي مثل هذه القيم المقلوبة التي جعلت عائد هزة وسط راقصة درجة عاشرة أكثر نفعا من تأليف كتاب أو زراعة عشرة فدادين!!
بالله عليكم: كيف تكون مشاعر عالم الكيمياء أو الفيزياء أو خبير الطاقة النووية أو أستاذ الهندسة أو الزراعة أو التربية عندما يقرأ أو يسمع ان دخل ممثل مغمور من فيلم أو مسلسل أكثر من دخله طوال حياته؟!
ماهي مشاعر الطبيب أو المهندس الذي قضي عمره في دراسة الطب أو الهندسة ثم تخرج ليحصل بعد معاناة علي وظيفة يتقاضي منها شهريا عدة مئات من الجنيهات لا تكفي الآن لمصروفاته الشخصية ولا يستجيب أحد لرفع راتبه؟!
ماهي مشاعر ضابط الشرطة الذي يسهر علي أمن الناس ويواصل العمل ليلاً ونهاراً عندما يقرأ أو يسمع أن دخل عمرو دياب أو تامر حسني أو حماقي أو غيرهم من الذين ملأوا حياتنا ضجيجا وميوعة وخلاعة من حفلة غنائية واحدة يعادل دخل ثلاثة ضباط طوال حياتهم؟!
***
منذ أيام استضاف برنامج "البيت بيتك" عبر الهاتف أستاذة جامعية لتتحدث عن معاناتها هي وزوجها الأستاذ الجامعي مع مصروفات المدارس الخاصة التي ارتفعت مؤخرا بشكل عشوائي.. وكشفت الأستاذة الجامعية للمشاهدين كيف ان راتبها وراتب زوجها لا يكفيان لسداد مصروفات أتوبيس المدرسة لابنيهما!! وعندما زاد احباطي مما أسمعه التقطت "الريموت كونترول" لأبحث عن قناة أخري تزيل بعض هذا الاحباط.. فاذا براقصة علي فضائية مصرية تدافع عن نفسها وتؤكد انها ليست مثيرة للغرائز والشهوات. وانها تمارس عملاً "محترما" بدليل انها تأخذ علي وصلة الرقص التي لا تتجاوز مدتها نصف ساعة "75" خمسة وسبعين ألف جنيه"!!" وانها لا تجد وقتا لتلبية رغبات "السفهاء" الذين يطلبونها!!
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن وبعد أن وصلنا إلي هذا الوضع الشاذ والغريب وليس المقلوب فقط: كيف نقنع أبناءنا بقيمة العلم والبحث والتفكير وهم يرون علي أرض الواقع أن هزة وسط راقصة ساقطة أكثر فائدة من هز مخ عالم أو باحث أو مفكر طوال حياته؟!
كيف ندفع أبناءنا إلي تحصيل دروسهم والحرص علي تعليمهم وهم يرون أن ثمن لاعب كرة قدم فاشل في إحراز هدف أو منع دخول هدف وصل سعره إلي عدة ملايين بالاضافة إلي ما يحصل عليه من راتب ومكافآت وسفريات وهدايا وتطارده البنات ووسائل الإعلام في كل مكان يذهب اليه؟!
***
الصحافة التي انتمي اليها واعتز بها هي التي أسهمت في قلب الأوضاع في مجتمعاتنا.. الفضائيات التي ابتلينا بها هي التي صنعت هؤلاء "الهلافيت" الذين أصبحوا قدوة سيئة لأطفالنا وشبابنا.
ينبغي ان تعيد وسائل الإعلام النظر في سياساتها ومواقفها وأن تتوقف عن صنع نجوم من ورق يحصدون الملايين من دماء الغلابة ويتهربون بوسائل حقيرة من دفع الضرائب.
ينبغي أن تكشف كل وسائل الإعلام من صحف وفضائيات التجاوزات الأخلاقية لهؤلاء النجوم وأن توضح لقرائها ومشاهديها أن حياة الكثيرين منهم كلها عبث وفوضي وانحلال وانهم في النهاية سيدفعون ثمن ذلك.. وانهم ليسوا قدوة طيبة لكم.
بلادنا في حاجة إلي مَنْ يعمل لا إلي مَنْ يرقص..
بلادنا في حاجة إلي هز العقل وليس هز الوسط.
بلادنا في أمس الحاجة إلي علماء وباحثين ومربين وليس إلي "هلافيت" ملأوا حياتنا انحلالاً وفوضي وشذوذا وانحرافا.

م
ن
ق
و
ل

No comments: