Sunday, July 29, 2012

إنقذوا مستشفياتنا قبل أن تحترق


إنقذوا مستشفياتنا قبل أن تحترق 

الظاهرة الخطيرة للتعدي على المستشفيات هي نتيجة أو بلغة الطب "عرض" لمرض مزمن ، تحدثنا كثيرا لسنوات و سنوات ، عن وضع الطب الكارثي في مصر ، عن ميزانية للصحة أقل من ثلث الحد الأدنى للإنفاق على الصحة الذي تقره الإتفاقات الدولية ، و عن إهدار هذا القليل في العديد من أوجه الإهدار و الفساد ، لنواجه في النهاية بمستشفيات قذرة مهملة و مجردة من أبسط مقومات العلاج ، تعمل بها أطقم طبية تقل أجور أغلبهم عن الحد الأدنى للأجور .

تحدث الأطباء في هذه المشاكل مرارا و تكرارا ، و لنسمع المجتمع و المسئولين صوتنا خرجنا في وقفات و مسيرات و إعتصامات

حتى كان الإضراب الكبير في مايو 2011، بمطالبه الثلاث الرئيسية :
1- تأمين المستشفيات ،
2- و رفع ميزانية الصحة إلى 15% طبقا للإتفاقات الدولية لتحسين الخدمة الصحية ،
3- و إقرار أجور عادلة للأطباء و مقدمي الخدمة الصحية ،
كان الإضراب عن الحالات الغير عاجلة ، و عندما كانا نهاجم بأننا نتخلى عن أخلاق المهنة و نعرض المرضى للقتل ، كنا نوضح أننا نعالج كل الحالات الخطيرة ، فقط نحن نريد أن ندق جرس إنذار قوي ،
لأن مشاكل الخدمة الصحية التي تدفع المرضى للإعتداء على المستشفيات –و كانت وقتها تحدث بمعدل إعتداء كل أسبوعين أو ثلاثة - هذه المشاكل ممكن أن تصل بالإعتداءات لأن تغلق المستشفيات تماما ، كما أكدنا إنه من المتعارض مع أخلاق المهنة أن نرضى بوجودنا كديكور في مستشفيات عاجزة تماما عن تقديم أي خدمة صحية حقيقية..

و لكن كلامنا لم يجد أي صدى ..و لم يستجب المسئولون .. و حدث ما حذرنا منه .. و أصبحت المستشفيات تضطر للإغلاق تحت وطأة التعديات التي تحدث بالأغلب نتيجة لعدم رضاء المرضى عن المستوى المتدني المتاح من الخدمة الصحية ..و لعدم ثقتهم و عدم إحترامهم للمستشفيات الحكومية .. و إضطرارهم لها في نفس الوقت .. المرضى معذورون لحنقهم على خدمة طبية منهارة ..و الأطباء و العاملين بالمستشفيات معذورون أيضا عندما يضطروا لإغلاق إستقبالات تقتحم بالمطاوي أحيانا ..و بالرشاشات أحيانا أخرى ..و بالسباب و اللكمات في أغلب الأحيان .
كل هذا الكلام قلناه مرارا و تكرارا للمسئولين .. للمسئولين عن تحسين الميزانية و تحسين مستوى الخدمة .. و للمسئولين عن تأمين المستشفيات و عدم تركها كساحة مفتوحة للمعارك ..و لكن للأسف .. لم نجد صدي عند هؤلاء أو هؤلاء ... و ظلت المشكلة تتفاقم .


تم تجاهل المشكلة من حكومات ماقبل الثورة ..و من حكومات مابعد الثورة ..
من مجلس شعب ماقبل الثورة ..و من مجلس شعب مابعد الثورة ..
حتى أن برنامج ال100 يوم لأول رئيس مصري منتخب ، خلى تماما من أي إشارة عن إصلاحات خاصة بقطاع الصحة ، و كان الجميع لا يرى – أو لا يريد أن يرى- كيف تحولت مستشفياتنا لأماكن للقتل. 

المصيبة أيضا أن أغلب نشطاء المجتمع المدني من أحزاب و تحالفات و إئتلافات و جمعيات ، تعاملت مع هذه المشكلة على أنها مشكلة خاصة بالأطباء .. بإختصار تجاهل الجميع مشكلة خطيرة .. و النتيجة أنها الآن تنفجر في وجوهنا .. حاليا تغلق إستقبالات المستشفيات الكبرى تباعا ..ثم تفتح –بالأغلب بعد تأمين هزيل- لتغلق مرة أخرى بعد تكرارالتعديات لأنه تم سحب التأمين أو لأن قوات التأمين تقف من الإعتداءات موقف المتفرج ولأن جذر و سبب المشكلة لم يجد من يحاول علاجه !!!!!!!!!!! 

السؤال هنا .. هل يدرك المسئولون أن الأيام التي تمر بينما مستشفيات في حجم الحسين و الساحل و سيد جلال و بولاق الدكرور و أم المصريين مغلقة ، هي أيام تكلفنا مئات من الضحايا اللذين لم يجدوا من ينقذهم؟؟

وهل يدرك المسئولون أن إغلاق أي مستشفى كبير يلقي عبء العمل به على ما يجاوره من المستشفيات ، وعندما يتعدى عبء العمل قدرة المستشفى ، يؤدي هذا بالتأكيد لزيادة التوتر بها لدرجة تصل حتما للتعدي و للإغلاق ..و هكذا تستمر الكارثة و تتزايد.. 
السؤال أيضا .. إذا كانا قد أبتلينا بمسئولين غير مسئولين .. فهل نجد من أهلنا .. من مثقفينا ..من نشطائنا .. من يساعدنا في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي تتصاعد بسرعة الصاروخ .. و تهدد بكوارث أفظع للمرضى و الأطباء و التمريض ....... إنقذوا مستشفياتنا قبل أن تحترق ..

أطباء بلا حقوق
السبت
29/7/2012