جدير بالذكر أن مطلب رفع ميزانية الصحة من 4% إلى 15% من الموازنة العامة -كما تقضي بذلك المواثيق الدولية - هو أحد المطالب الأساسية لإضراب أطباء مصر ، حتى يمكن تمويل خدمة صحية حقيقية ..و حتى تتوافر في المستشفيات الأدوية و مستلزمات العلاج وإمكانيات النظافة و التعقيم و أسرة العناية المجانية .. بإختصار حتى نصبح نحن الأطباء قادرين على تقديم الخدمة الصحية الحقيقية التي نتمنى أن نقدمها
الحقيقة أنه تم وعد الأطباء في مفاوضاتهم مع د. عصام شرف رئيس رئيس وزراء مصر و د. سمير رضوان وزير المالية يوم 17 مايو -و هي المفاوضات التي أدت لتعليق الإضراب- تم وعد الأطباء بزيادة حوالي الضعف لميزانية الصحة ، إلا أن لقاءنا التالي مع مسئول الخطة و الموازنة بوزارة الصحة كشف لنا أن القيمة الإجمالية للإنفاق الصحي في مصر سترتفع من 23,5 مليار في العام المالي الذي يقارب نهايته إلى 27 مليار في العام القادم .. و طبعا هذه الزيادة الهزيلة هي قيمة تضخم الميزانية الكلية .. و لا تعبر عن أي زيادة حقيقية في نصيب الصحة من الموازنة العامة .. و لا تعبر بالتالي عن أي زيادة حقيقية في إهتمام الدولة بقطاع حيوي و خطير طال إهماله ..و هو قطاع الصحة
الأخطر من ذلك أن مناقشتنا مع مسئولي الخطة و الموازنة بالمالية لمحاولة رفع نصيب الصحة بالضغط على النصيب المتضخم لسنوات و سنوات لقطاعات أخرى كالداخلية أو رئاسة الجمهورية كانت تقابل بردود من قبيل " غير ممكن أبدا ..هذه بنود مغلقة .. لا نستطيع تغيير نسب هذه البنود " .. و بالتالي خرجنا بإنطباع سئ جدا أنه لا شئ تغيير في توزيع ميزانية البلد و ثرواتها في مرحلة ما بعد الثورة عما كان يحدث قبل الثورة .. صدمة أكبر كانت في إنتظارنا عندما سألنا عن تفاصيل الهيكل الجديد للأجور الذي يعلن عنه هذه الأيام في الجرائد و الإعلام .. لنصدم بأنه لا يوجد رفع لأساسي أي درجة ..و أن أي رفع سيكون في الأجور المتغيرة
بإختصار فهمنا من زيارتنا لوزارة المالية أن صحة المواطن المصري ما تزال في ذيل إهتمامات حكومة ما بعد الثورة ، كما كانت تماما في مرحلة ما قبل الثورة ، و أن البنود التي تبتلع ميزانية و خيرات هذا البلد العظيم مازالت "مغلقة" أمام أي محاولات للمناقشة أو التعديل .. و أن العام المالي القادم -إن لم نتحرك سريعا لتعديل ذلك- لا يحمل لنا أي بشائر بتحقيق العدالة الإجتماعية التي نادت بها الثورة ، أو تعديل الأحوال الكارثية للمنظومة الصحية كما طالب الأطباء مرارا و تكرارا
لكل ذلك تنطلق الأحد مسيرة الأطباء بالتضامن مع كل مواطني مصر لتوجه لمجلس الوزراء و للمجلس العسكري هذه الإستفهامات
"ألم يأن الأوان بعد لأن يجد قطاع الصحة من المسئولين عن هذا الوطن الإهتمام الذي يستحقه؟"
"و هل يمكن أن نقبل أن تظل معاناة المريض المصري في رحلة البحث عن علاج بعد الثورة ..بنفس الحال البشع لمعاناة البحث عن علاج قبل الثورة ؟"
" وهل يرضى ضمير المسئولين عن هذا الوطن أن تظل الأحوال الكارثية للمستشفيات بعد الثورة كما كانت قبل الثورة؟"
الجنة العليا لإضراب الأطباء
No comments:
Post a Comment