لذلك كان لازماً علينا فى هذه المرحلة الانتقالية الاستثنائية فى تاريخ مصر والمراحل المقبلة أن تكون إحدى أولويات الحكومة فى الإصلاح هى إصلاح القطاع الصحى بأكمله وعلى رأس هذه المنظومة الأطباء ويجب ان يكون الأطباء هم من يشترك فى تشخيص ووضع خطط الإصلاح الصحي لمصر وان يكونوا هم الفاعل الاساسى وليسوا المفعول بهم فى وزارة الصحة .
يعتبر الطبيب المصري من أكفأ الأطباء على مستوى العالم وهذه حقيقة لا يحتاج المرء لمجهود كبير لإثباتها فهم في الداخل يعملون في ظل ظروف صعبة ويؤدون أعمالا خارقة ويقدمون رعاية صحية عالية لمرضاهم برغم هذه الظروف وكذلك جميع الأطباء المصرين اللذين هاجروا وعملوا بالخارج سواء في البلاد المتقدمة اوالنفطية أصبحوا رواد فى تخصصاتهم ولطالما كانت مصر هى قبلة العرب والأفارقة العلاجية التي يلجأون إليها للعلاج والجراحة وكان أطباء مصر احد أهم أسلحة القوة الناعمة لمصر و التي تصف ثقافة مصر في محيطها الدولي والاقليمى.
خلال الثلاثين عاما الماضية تعرض الأطباء كما غيرهم من المهنيين المصرين لظلم شديد فعلى المستوى العام نزل النظام السابق بمصر إلى الحضيض سياسيا وإعلاميا ووطنيا فأهدرت حقوق المواطنين جميعا بمن فيهم الأطباء وتدنت سمعة مصر الإقليمية والعربية والدولية فأصبح امراً مستغرباً أن يلجأ اى مريض عربي أو افريقى إلى مصر للعلاج كما كان يحدث سابقاً أبان العهد الناصري وبذلك أصبح الأطباء المصرين ومستشفياتهم خارج السياق الطبي العالمي فقلت خبرتهم وتدنت سمعتهم لأسباب سياسية في الأساس وليست لأسباب مهنيه فمن منا يتخيل أن يذهب للعلاج فى دولة فاشلة فاقدة لدورها فى محيطها ويتعامل حكامها مع شعبها بهذه الطريقة المهينة والاستخفاف وعدم الاعتبار (مهما كان مستوى الطب والمستشفى الذي يلجأ إليه المريض ).
فمشاكل الأطباء كثيرة ومتعددة تبدأ من يوم أن يلتحق الطالب بكلية الطب فالطبيب المصري هو فى الأصل أكثر الطلاب تفوقا فى الثانوية العامة أو ما يعادلها وتبدأ معاناة طالب الطب فى كليته حيث يصطدم بضعف الإمكانيات وقلة الموارد وغياب معايير الجودة العالمية فى التدريس والامتحانات وهذا موضوع كبير لا يتسع المقام الان للحديث عنه وربما تأتى فرصة أخرى للحديث بالتفصيل عنه .
وبعد التخرج و قضاء ستة سنوات ميلادية وليست دراسية فقط يخرج الطبيب لقضاء سنة الامتياز والمقرر من أنها سنة تدريبية تؤهل الطبيب للعمل فى وحدات الطوارئ أو طبيب عام فى وحدات الرعاية الصحية . تحولت هذه السنة بكل أسف إلى عام ضائع من حياة الطبيب لأسباب كثيرة منها عدم وضوح الرؤية فى المستشفيات ولدى الأطباء أنفسهم بجانب توزيعهم على مستشفيات يقل فيها عدد الاخصائين والاستشاريين الذين يشرفون على تدريبهم .
وبعد... فحياة الطبيب هى سلسلة متتابعة من المعاناة تبدأ من كلية الطب حتى وفاته للأسف والمفروض انه ملاك الرحمة .
ولا يجد الطبيب طيلة حياته وزارة الصحة يهتم به وبظروف عمله ولا يجد نقابه تدافع عنه فكل المؤسسات تحولت إلى خرائب فى العهد البائد .
ولذلك فان أول خطوة لرعاية الشعب المصري هى رعاية أبنائه الأطباء إذا كانت لدينا النيه لرعاية هذا الشعب .
وبمناسبة قرب انتخابات النقابة العامة للأطباء في شهر أكتوبر القادم فأن نقابة الاطباء تحتاج إلى قائد جديد يحمى أعضائها ويضمن بالتالى حقوق المرضى فى الرعاية الصحية المناسبة ويرتفع بمستوى الطبيب المصري إلى الافاق العالمية ونستعيد قوة مصر الناعمة المتمثلة فى اطبائها.
No comments:
Post a Comment