هجمة جديدة وخطيرة لقوى الخصخصة
بيان لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة (4)
بعد فترة لم تطل بدا فيها أن مخططات الخصخصة قد تعطلت مؤقتا شنت قوى الخصخصة هجمة جديدة ضخمة ساعية للإطاحة بكل الضمانات المتبقية للحفاظ على صحة هذا الشعب من أجل تمكين المستثمرين من تحقيق أقصى ربح من المرض بمعاظمة نصيبهم فى تقديم الخدمات العلاجية واتجاههم للانفراد بتقديمها، وسعيهم لتملك أصول الخدمات الصحية من مستشفيات وخلافة بشرائها بالبخس فى ظل تقييمها بالقيمة الدفترية وإباحة بيعها وخصخصتها كما ينص قرار رئيس الوزراء بإنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية.
لقد بدأت تلك الموجة من المحاولات لخصخصة الصحة بمشروع قانون التأمين الصحى الجديد الذى كان من المعتزم تقديمه إلى مجلس الشعب لإقراره فى يناير عام 2006. وتولت الجمعيات الأهلية والصحافة الحزبية المعارضة والصحف المستقلة فضح محتواه. فالقانون يغير العلاقة بين المؤمن عليه وبين المؤسسة التأمينية بانتقاصه من الخدمات المقدمة للمواطنين لكى يترك ‘حزما علاجية’ تنفرد بتقديمها المؤسسات الخاصة وشركات التأمين الصحى الخاصة، وفرضه مساهمة المواطنين- ليس فقط باشتراكهم- ولكن بنسبة من تكلفة العلاج تتراوح بين الربع والثلث مما يعجز جمهور المواطنين عن تلقى الخدمات التشخيصية والعلاجية المكلفة فى بلد يقع أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر.
وتراجعت مخططات الخصخصة مؤقتا لكى تهجم فى جبهة أخرى هى خصخصة ملكية مستشفيات وعيادات وصيدليات التأمين الصحى بنقل ملكيتها إلى الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية بالقيمة الدفترية بدون وجه حق فهى ملك للمنتفعين وليس للدولة. وتلك الشركة تدير تلك الأصول بغرض الربح وتملك حق بيع تلك الأصول للقطاع الخاص والدخول فى مشاريع مشتركة مع مختلف الجهات. وصدر هذا فى صورة قرار رئيس الوزراء رقم 637 فى مارس 2007. إلا أن المعارضة الواسعة لهذه الخطوة الضخمة للخصخصة، والتى أسفرت عن تشكيل لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة نجحت فى إجهاض نية الحكومة لتنفيذ القرار فى أول يوليو 2007 كما كان معتزما.
لقد قامت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة بتنظيم مؤتمر بنقابة الصحفيين فى أكتوبر 2007 لقوى المعارضة أسفر عن إصدار إعلان عن حق المصريين فى الصحة يدين مخططات الخصخصة ويدافع عن حق الشعب فى العلاج. ووقع على البيان خمسون منظمة من منظمات المجتمع المدنى ضمت تسعة أحزاب معارضة ونقابتين مهنيتين ونقابتين عماليتين ومنظمات حقوق الإنسان وغيرهم من منظمات المجتمع المدنى. كما نظمت اللجنة وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب فى 18 نوفمبر الماضى سلمت ذلك الإعلان فى المجلس والتقت بالدكتور فتحى سرور رئيس المجلس وطلبت منه الاستماع إلى الآراء الشعبية المعارضة لقانون وقرار الخصخصة. واقترح سيادته تقديم اقتراح موقع من عشرين عضوا بمجلس الشعب بفتح مناقشة عامة فى المجلس حول الموضوع وهو ما تم بالفعل، ولكن لم تتم المناقشة حتى الآن. كما أفاد سيادته بأن الحكومة قد تقدمت بأجندتها التشريعية للدورة البرلمانية (نوفمبر 2007-يونيو 2008)، وهى تخلو من أى مشروع للتأمين الصحى. كما نما إلى علم اللجنة صدور قرار من رئيس الوزراء بتجميد قرار إنشاء الشركة المصرية القابضة للخدمات الصحية لحين إقرار مجلس الشعب لقانون التأمين الصحى الجديد. وحتى الآن لم تصدر قرارات تشكيل مجلس إدارة الشركة القابضة ولائحتها التنفيذية ولم يتم بدء العمل بها رسميا.
وبعد هذا النجاح المؤقت فى تأخير مشروع الخصخصة ظن المهتمون بالقضية أن تراجعا ما سوف يتم أو على الأقل أن حوارا مجتمعيا سوف يفتح حول مستقبل العلاج فى مصر، إلا أنهم فوجئوا بأن أنصار الخصخصة فى الأجهزة التنفيذية بوزارة الصحة والتأمين الصحى يسيرون قدما بخطوات ضخمة فى خلق أمر واقع للخصخصة دون سند من القانون -بل وبالمخالفة للقوانين القائمة.
لقد تمثلت إجراءات الخصخصة الفعلية فى التأمين الصحى فى الوقائع التالية:
1- تعديل السياسة الإدارية باتجاه خصخصة الإدارة عن طريق تعيين مديرين للمستشفيات بمرتبات لا علاقة لها بهيكل التأمين وتتراوح بين عشرة وخمسة وعشرين ألف جنية شهريا، مع بقاء هيكل الأجور دون تعديل. وإذا علمنا أن أقل أجر بالمستشفيات هو مائة وخمسين جنيها لعرفنا مغزى الخصخصة فى مفاقمة عدم العدالة بزيادة النسبة بين الحد الأدنى للأجور إلى الحد الأقصى. ولما كان قد نشر بالصحافة أن مرتب رئيس هيئة التأمين الصحى وفق بيانات الجهاز المركزى للمحاسبات ستون ألف جنية شهريا فتصبح النسبة بين أدنى الأجور وأقصاها داخل الهيئة 400:1! وفى عرف سياسات الخصخصة أن الإصلاح لا يبدأ بالاهتمام بالبشر فى مختلف درجات السلم الوظيفى ولكن يكفى الاهتمام بقمته مع ترك بقية الهيكل ‘لأن الميزانية لا تحتمل’!!
2- التوسع فى زيادة رسوم الخدمات مثل كشف الممارس والإخصائى والاستشارى واصطناع رسوم جديدة مثل مقابل الحصول على الأشعات وإجراء مختلف الفحوص، وهى رسوم تراوحت بين جنيهين إلى ثلاثين جنيها، وليس مقدارها فقط هو ما يهم ولكن مخالفتها لنصوص قانون قائم دون محاولة تعديله.
3- إصطناع قائمة أدوية جديدة يدفع المواطن نسبة من ثمنها تصل إلى 60% بجانب الأدوية المنصرفة من التأمين بدون مقابل، بدلا من الحل المستقيم إما بالاعتراف بضعف فعالية بعض الأدوية وإلغائها من التأمين واستبدالها بالأدوية الجديدة بدون مقابل، أو بإجراء فحوص الإتاحة لإثبات فعالية الأدوية القائمة وعدم الإضافة عليها. وهذا الإجراء بالطبع بهدف تعويد المواطنين على دفع نسبة من السعر.
4- مراجعة الخدمات التشخيصية والعلاجية التى تقدم والإقدام على إلغاء بعضها. وأبرز مثال هو توقف التأمين الصحى عن علاج العقم وإجراء التحاليل اللازمة للكشف عنه باعتباره رفاهية على من يرغب فى علاجها أن يتوجه للقطاع الخاص على حسابه. والمذهل هنا ليس فقط أن انتشار العقم أو نقص الخصوبة يشمل 10% من الأزواج، ولا أن حق الإنجاب من الحقوق الأساسية للأزواج، ولكن أن موضوعا بمنتهى الحساسية والأهمية مثل موضوع حزمة الخدمات العلاجية التى يقدمها التأمين -وهى حاليا حزمة شاملة فى ظل القانون الحالى- يجرى تعديلها والانتقاص منها فى السر بتعديلات شفوية من خلف ظهور المنتفعين أصحاب الشأن رغم أن التأمين الصحى لازال يمتلك فائضا وودائع وبالتالى لا يسلك هذا السلوك لضرورة مادية ملحة. الأمر إذن هو تمكين القطاع الخاص من الربح بإخلاء الساحة له وخلق أمر واقع بتقليص خدمات التأمين لصالح مبدأ الحزم العلاجية المتعددة الخاص بالتأمين الصحى التجارى، وهو ما ينادى به وزير الصحة منذ قدومه.
5- التوجيهات المشددة بالتوسع فى تقديم الخدمة لغير المؤمن عليهم بمقابل مادى دون أى دراسة لواقع الإمكانيات الفعلية، وما إذا كان هناك طاقات عاطلة وفائض خدمات عن حاجة المؤمن عليهم لتقديمها للغير، وإلا كان هذا التوسع على حساب تقديم الخدمة للمنتفعين
6- تغيير سياسة التعاقدات الخارجية بتوسيع التعاقد مع القطاع الخاص لتقديم الخدمات المختلفة للمؤمن عليهم. لقد كانت سياسة التأمين طوال عمره هى وجود ذراعين لتقديم الخدمة: بنفسه، وبالتعاقد مع الغير. وكان هذا الغير عادة كيانا غير ربحى مثل الجامعات وهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية والمؤسسة العلاجية، واللجوء إلى القطاع الخاص عند الاحتياج وعدم توافر الخدمة فى المكان أو عموما. ورغم أن المنتفع لا يدفع مقابلا ماديا إضافيا (إلا فى قلة من الحالات) إلا أن تلك السياسة تقود إلى خسائر مادية للتأمين الصحى. فالتأمين الصحى يعالج حالاته بسعر التكلفة، وعندما يعالج غير المؤمن عليهم يأخذ فوق تكلفته ربحا يقل بالطبع عن الربح الذى يدفعه للقطاع الخاص. وبالتالى فإن المحصلة هى الخسارة، والأكثر فائدة للتأمين أن يركز على علاج المؤمن عليهم بسعر التكلفة. وإذا كان التأمين يحسن من مستوى الخدمة على الأقل لجذب المرضى غير المؤمن عليهم فلم لا يغطى منتفعيه بتلك الخدمة غير المكلفة بالنسبة له؟ وما مغزى الإجراءات الأخيرة إلا دفع سلوك الخصخصة فى سوق الطب فى المجتمع.
كما تمثلت إجراءات الخصخصة الفعلية فى هيكل وزارة الصحة (خارج التأمين الصحى) فى الوقائع التالية
1- التوسع فى فرض رسوم أو زيادة الرسوم على الولادة الطبيعية والقيصرية حتى أصبح لا يكاد يوجد مكان لولادة مجانية بمستشفيات الوزارة.
2- فرض رسوم تصل إلى 500 جنية لدخول حضانات الأطفال بمستشفيات الوزارة، وتصل إلى 1000 جنية لدخول الرعاية المركزة
3- سياسات خصخصة الأجور، فبينما تتزايد المطالبة بزيادة الحد الأدنى للأجور بالذات فى الهيكل الحكومى المتدنى وتقدر مختلف دراسات اتحاد العمال والعديد من أحزاب المعارضة والاقتصاديين المستقلين الحد الأدنى للأجور بما يتراوح بين 600 و1200 جنية يظل الحد الأدنى للأجور بوزارة الصحة عند 105 جنيها بينما يقر بدل للوظائف العليا (مديرى مديريات ومراكز الشئون الصحية) مقداره 1100% من المرتب!
4- مطالبة أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى بإلغاء العلاج على نفقة الدولة، وأسفرت المناقشة فى النهاية عن تخفيضه بنسبة 50% على أن يلتزم المواطن بتوفير الباقى. والمشكلة أن العلاج على نفقة الدولة، وهو نوع من التأمين الصحى بالقطعة على غير المؤمن عليهم يلجأ إليه المحتاجون الذين يعجزون ليس فقط عن دفع نفقات العلاج ولكن عن دفع نصفها أيضا. إن الوضع قبل التعديل يسمح لكل مواطن يحتاج لغسيل كلوى بأن يأخذ قرارا بالعلاج على نفقة الدولة بسبعة عشر ألف جنية تمثل قيمة 150 جلسة غسيل كلوى فى سنة، ويأخذ مثلها كل سنة ويتحمل هو سعر الأدوية والتحاليل. ولا يكلف هذا الدولة إلا 450 مليون جنية تمثل ما يقرب من ربع ميزانية العلاج على نفقة الدولة (حوالى مليارى جنية). أما فى ظل الوضع الجديد فكم من المواطنين المصابين بالفشل الكلوى يمكنه توفير نصف التكلفة (أكثر من ثمانية آلاف جنية)؟ وما مصيرهم الآن غير تسول الزكاة أو الوفاة؟!
5- قيام يوسف بطرس غالى بالإعلان عن بيع 500 مستشفى تكامل حكومى بالمزاد بسعر افتتاحى نصف مليون جنية. وقد تكلف كل مستشفى بين 15 و30 مليون جنية، وقد سئل رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب الدكتور حمدى السيد عن رأيه فقال أن هذا يأتى استجابة لتوصية لجنة الصحة بالمجلس نظرا لعجز الحكومة عن تشغيلها!
6- تنفيذ مشروع الخصخصة فى السويس كتجربة ميدانية وما تبعه من تعميم نظام صحة الأسرة ورفع أسعار الكشف بوحداتها مع رفع سعر الكشف بمستشفيات وزارة الصحة وغيره من تنفيذ مقررات الخصخصة.
7- ولا ننسى بالطبع تصريحات وزير الصحة فى أعقاب قرار رئيس الوزراء بإنشاء الشركة القابضة التى تملك مستشفيات هيئة التأمين الصحى بأن الوزارة تعتزم تحويل هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية إلى شركة قابضة! ولا تصريحه بأن الوزارة تدرس تحويل مستشفياتها إلى شركات!
وتأتى مخططات الخصخصة فى إطار المشروع الحكومى الدولى لخصخصة الخدمات الصحية المعروف بمشروع الإصلاح الصحى الموقع بين وزير الصحة وممثل البنك الدولى نائبا عن مجموعة المانحين الذى يشمل هيئة المعونة الأمريكية والاتحاد الأوروبى. وينص المشروع على تغيير دور وزارة الصحة والتأمين الصحى بحيث تقتصر على رسم السياسات وتحديد معايير الجودة ومراقبة تطبيقها والقيام بالتطعيمات الأساسية وإسعاف الحوادث. ولتوضيح العلاقة بين سياسات الخصخصة وهذا المشروع الحكومى الدولى نقتبس ما يلى:
نصوص من توصيات مشروع الإصلاح الصحى:
1- توسع في تطبيق استرداد التكاليف في المستشفيات الحكومية أياً كانت تبعيتها
2- لا وظائف مضمونة، أنقص عدد الأفراد الحالي
3- حدد اشتراكات المنتفعين على أساس التكلفة الفعلية مع توظيف الإسهامات (المقصود دفع نسبة من سعر العلاج وعدم الاقتصار على الاشتراك)
4- حدد و تبنى حزم انتفاع صحية ملائمة لقدرات المواطنين (أساس التأمين الصحى التجارى هو الحزم المتعددة كما فى الولايات المتحدة الأمريكية على عكس التأمين الصحى الاجتماعى الذى يتبنى المساواة بين المواطنين فى حزمة واحدة شاملة من الخدمات التأمينية مثل التأمين الصحى الحالى والتأمين الصحى فى أوروبا الغربية كلها وكندا واليابان)
5- توقف عن إنشاء مستشفيات تأمينية جديدة
6- حول الهيئة إلى جهاز تمويلي
7- جدول بيع أو نقل وحدات تقديم الخدمة الحالية ‘المستشفيات، الوحدات المجمعة، العيادات’ إلى القطاع الخاص أو إلى منظمات القطاع العام الاقتصادية ‘وحدات بأجر’
ملاحظة: ما بين الأقواس المفردة شرح من عندنا وليس من النص.
وقد تم تبنى المشروع فى مختلف الأوراق الخاصة بالصحة فى مؤتمرات الحزب الوطنى سنويا منذ مؤتمر سبتمبر 2002 الذى تشكلت فيه لجنة السياسات، وتصدم محاولات الحكومة بتمريرها بالمقاومة الضارية كما سبق توضيحه.
وتستند الحكومة فى تمرير خطة الخصخصة إلى ثلاث حجج:
· فقر الحكومة وعجزها عن تمويل الخدمات الصحية
ولكن ميزانية التأمين الصحى منفصلة عن الحكومة ويمول من الاشتراكات ويحقق فائضا. حقا يجب زيادة الموارد لتحسين الخدمة ورفع مرتبات العاملين ولكن هذا ممكن بالإجراءات العادية. كما أن وزارة الصحة لا تنفق سوى نسبة تتراوح بين 3 إلى 4% من إجمالى الإنفاق الحكومى على الصحة بينما تحدد الأمم المتحدة فى برنامج الألفية مستهدفا بنسبة 15% من الإنفاق الحكومى على الصحة، وهو ما نقلته عنها قمة أبوجا بنيجيريا للقادة الأفارقة عام 2001 ووقعت عليه الحكومة المصرية فيما عرف بإعلان أبوجا.
· المشكلة الرئيسية للخدمات الصحية هى افتقاد الجودة، والإصلاح طريق الجودة
وتعرف الحكومة الجودة بمؤشرات للأداء مثل نسب العدوى بالمستشفيات ونسب الوفيات وغيرها. وهذه الجودة فى تعريف الحكومة والإصلاحيين الغربيين لا تتحقق إلا بالمنافسة أى بالخصخصة. وفشلت نظرية الجودة الغربية فى تحقيق أى تقدم فى الأداء لأنها لم تشخص المشكلة الرئيسية لانخفاض الجودة فى مصر. فمشكلة الجودة الرئيسية فى مصر هى فى العنصر البشرى: فأعداد الوظائف الفنية من أطباء وتمريض وفنيين تعانى بالإجمال من نقص شديد، والحافز المادى منعدم بانخفاض الأجور، وضعف الأجور ينجم عنه عدم تفرغ العاملين وانشغالهم بالعمل فى أكثر من جهة مما يضعف من نوعية الأداء. وسياسة وزارة الصحة والتأمين الصحى هى التوفير الشديد فى الباب الأول والثانى فى الميزانية (الأجور والمهايا، ومستلزمات التشغيل) مع الإغداق على الأبواب الأخرى (الاستثمارات فى المبانى والأجهزة) مما نتج عنه مستشفيات تمثل جبالا من الرخام والسيراميك مجهزة بأحدث الأجهزة دون فعالية متناسبة مع المستثمر فى الأصول. ولم تحل الوزارة أو الهيئة تلك المشكلة بتوفير العمالة الناقصة أو بتحسين الحوافز بل بمفاقمة تفاوت الأجور والمزيد من الضغط على درجات سلم الوظائف الدنيا. فالقضية ليست منذ البدء تحقيق الجودة بل استخدام الجودة كأداة لمعايرة المستشفيات العامة والتأمينية بفشلها دون حل مشاكلها الحقيقية، وبالتالى التمهيد لخصخصتها باعتبارها الحل. إن ما قاله الدكتور حمدى السيد عن أن لجنة الصحة أوصت ببيع مستشفيات التكامل لعجز الحكومة عن تشغيلها ينطبق على هيكل الوزارة والتأمين الصحى كله: مسلسل تكلفة عالية للأصول، إهمال الاهتمام بالبشر، انخفاض مستوى الأداء، فشل فى الإدارة ثم البيع والخصخصة.
· عدم رضاء المنتفعين عن الخدمات المقدمة
والحكومة تبالغ فى عدم رضاء المنتفعين تبريرا للبيع وتنكر أن تدنى الخدمة وعدم الرضاء يتركز أساسا فى العيادات الخارجية (50-60%) فتسعى لخصخصة خدمة المستشفيات حيث رضاء المنتفعين وفق نفس دراسة مجلس الوزراء يتراوح بين 80-90%، كما لا تسعى الحكومة لعلاج الأسباب الرئيسية لانخفاض الأداء كما سبق تبيانه.
إن لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة لتهيب بالصحافة ومنظمات المجتمع المدنى من أحزاب ونقابات وجمعيات أن تسعى بكل جهدها للتصدى لمخططات الخصخصة وحرمان الشعب من حقه فى العلاج، وتنادى جميع المواطنين إلى التكاتف لوقف برنامج الخصخصة سواء جرى بمحاولة تمرير القوانين المشبوهة أم جرى سرا من وراء ظهر القانون وبالمخالفة والاستهانة بالقوانين القائمة. إن مجلس الشعب مازال مطالبا بأن يفى بوعده بعقد مناقشة عامة حول السياسة الصحية وسبل توفير حق الشعب فى العلاج.
لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة (ضد خصخصة التأمين الصحى)
البيان الرابع- يوليو 2008
1 comment:
i think you add more info about it.
Post a Comment